الهدهد . . يبكي أنثاه النافقة طوال عمره

..أمم أمثالكم
03:33 صباحا
قراءة 4 دقائق

الهُدْهُد طائر أصفر وردي اللون له تاج رائع من الريش على رأسه لونه بني فاتح مرقط من أطرافه بالريش الأسود ونصفه الأسفل أسود مرقط بالريش الأبيض وذلك في نظم جميل بديع ويعْرفُ باسم جاويش الطيور بسبب عرفه الطويل الذي يعلو رأسه . ويعيش الهدهد في الأقاليم الأكثر دفئاً في أوروبا وآسيا وإفريقيا . وقد ورد ذكر الهدهد في القرآن الكريم في قصة سليمان (عليه السلام) قال تعالى: وتفقَّد الطير فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين،لأُعَذبنَّه عذاباً شديداً أو لأَذبحنَّه أو ليأتيني بسلطان مبين، فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإٍ بنبأ يقين . (النمل 20-22)

اختلاف العلماء

والحقيقة أنه ليس هناك اتفاق بين العلماء على عدد أنواع فصائل هذا الطائر، لكن عموماً هناك جنس واحد منه وخمس فصائل ثانوية ، ولكن كل من العلماء كليمنتس وسيبلي ومونروي قسموا هذا الطائر في العام 1991 إلى صنفين رئيسين هما: الصنف الأوراسي وهو ما يطلق عليه علمياً باليو-إي بوب الذي ينتقل بين آسيا وأوروبا وشمال إفريقيا وكذلك الصنف الإفريقي الموجود في الصحراء الإفريقية ومدغشقر بينما اعتبر العلماء فراي، كيث، وأوروبا في العام 1988م أنهما صنف واحد باعتبار تقارب الصفات والسلوك إضافة إلى أن فروق الريش ليست كبيرة بينهما رغم اختلاف أصوات النوعين بشكل واضح .

ولو اتبعنا ما ذهب إليه هؤلاء العلماء فإن ثمة ثلاثة أصناف من الهدهد: الأوراسي والإفريقي والمدغشقري، وهذا ما أثبت مؤخراً من قبل عدة باحثين أمثال موريس وهاوكنز العام 1998م . وقد تم تبيان أهم الفوارق بين تلك الأصناف ولعل أبرزها اختلاف الألوان واختلاف الأصوات، فالنوع الأوراسي أقل تنوعاً بالألوان من نوع الطير المدغشقري الذي يتميز كذلك بوضوح صوته أكثر من هدهد آسيا وأوروبا .

صديق الفلاحين

يتغذى الهدهد على الحشرات ويشاهد أفراداً في المناطق الزراعية، وهو من أصدقاء الفلاحين فهو ينظف الأرض من الديدان واليرقات والآفات . وعلى الرغم من أن الهدهد لا يبدو مختلفاً في مظهره الخارجي عن سائر الطيور إلا بشكل منقاره وعرف رأسه وألوانه ، إلا أنه من المعتقد أنه ينبغي البحث في قدراته على السمع والبصر والشم والقدرات المودعةِ في دماغه، فضلاً عن أهميته البيولوجية والبيئية إذ يعد وجوده في مكان ما علامة على نقاء البيئة من المبيدات الحشرية . ويعيش الهدهد في كروم العنب والمروج وبالذات في مروج السافانا وعلى الأشجار المتفرقة وهو غير مستقر في مكان واحد، بل هو دائم التنقل والترحال من مكان إلى آخر بحثاً عن الغذاء .

تبني طيور الهدهد أعشاشها في جحور الأشجار والجدران والصخور الضيقة وحتى في المباني القديمة أو بعض الشقق الفندقية الفاخرة، والهدهد من الطيور التي لا يؤكل لحمها . وعلاوة على مجرى التنفس، يستطيع تنفس الهواء من مجرى الطعام من خلال منقاره بسبب شكله الأنبوبي الخاص، وبذلك يتمكن من إصدار أمواج صوتية مُرْتعِشة . ويسمى صوت الهدهد (هدهدة) .

وتضع الأنثى من خمس إلى سبع بيضات وتقوم بحضن البيض لمدة تتراوح بين 16 و18 يوماً وعادة ما تحتضن صغيرين كل عام ويغادران العش بعد 26 - 32 يوماً من التفقيس وبعدها يبدأ نمو ريش الفراخ خلال الأيام الخمسة الأولى ليغطيها لاحقاً ريش شائك طويل ويظهر العرف في اليوم ال14 على أبعد تقدير .

الطائر الوفي

يطعم الذكر الأنثى أثناء فترة الحضانة ويطعم الصغار بعد الفقس . والهدهد إذا غابت أنثاه لا يأكل ولا يشرب ولا يقطع الصياح حتى تعود إليه فإن نفقت لا ينظر إلى أي أنثى بعدها أبداً ويبكي عليها ما عاش من عمر . وللهدهد قابلية عجيبة في طلب الماء فهو يرى الماء من بعد ويحس به في باطن الأرض فإذا رفرف على موضع علم أن فيه ماء . ويتميز الهدهد بسرعته الفائقة في الطيران والعدو، ومن صفاته المميزة أيضاً أنه يتمكن من إبعاد أي حيوان ضار أو مفترس عن عشه وصغاره عن طريق رش رذاذ أسود زيتي برائحة كريهة من غدة في قاعدة الذيل تبعد أي متطفل، بل وحتى الصغار تستطيع ذلك إن أحست بالخطر .

يتميز هذا الطائر برشاقته وحسن مظهره وخصوصاً مع تلك النتوءات الريشية أو القزعة الموجودة في مؤخرة رأسه التي قد تتحول إلى شكل مروحي عندما يستثار كما يعمل على نفخ ريش رقبته عند المناداة . وعندما يتعرض عش أفراخه للخطر يسَطِّح الهدهد نفسه على الأرض ويوجه منقاره إلى أعلى ثم يأخذ بجر جسده جرا وينشر أحد جناحيه وكأنه مكسور مما يجعل العدو ينشغل به ويترك العش وما أن يمل العدو حتى يفر الهدهد مسرعا نحو أفراخه . ومن صفات الهدهد أنه يمشي بهدوء ويركض أحياناً بتلازم حركي بين الرجل والرأس، وهو مغرم بالاستحمام في الرمل خاصة أثناء التملص من المطاردين الرئيسين له كالباز والصقر والبوم وغيرها ليتخفى منها . وهو من أكثر الطيور تعاوناً ومحبة للمساعدة خصوصاً لأفراخ من أعشاش أخرى تابعة لأبناء جنسه . وقد أثبتت التجارب على الهدهد الأخضر أن تلك الخاصية من أهم خصائصه الاستراتيجية التي يؤديها وكأنه يؤدي مصلحة ذاتية لنفسه مما يبعد الاعتقاد القديم السائد بأن الحيوانات ومنها الطيور تمتلك فقط صفات عدائية تجاه غيرها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"